تنفرد منطقة عسير في جنوب غرب المملكة العربية السعودية بمكانة خاصة كوجهة سياحية، لكونها تختلف بشكل جذري عن المناخ الصحراوي السائد في معظم أنحاء البلاد. بفضل ارتفاعها الشاهق، تقدم عسير لزوارها مناظر جبلية خلابة، وطقساً معتدلاً يميل إلى البرودة، وطبيعة خضراء مورقة، مما يجعلها ملاذاً صيفياً بامتياز.
أبها: قمة الجمال والضباب
أبها هي العاصمة الإدارية لمنطقة عسير، وتُلقب بـ "سيدة الضباب" أو "عروس الجبل" لما تتميز به من أجواء ساحرة وضباب كثيف يغطي قمم جبالها.
- المناخ الفريد: تتمتع أبها بمناخ معتدل طوال العام، وتصبح باردة بشكل ملموس في الشتاء. أما في الصيف، فدرجات الحرارة فيها لطيفة ومنعشة، وتكثر فيها الأمطار الموسمية والضباب، مما يمنحها طابعاً أوروبياً مميزاً.
- قمة السودة والمغامرات الجبلية: تُعد السودة أعلى قمة جبلية في المملكة، وتوفر إطلالات بانورامية لا مثيل لها على الوديان والمدرجات الزراعية. يمكن للزوار الاستمتاع بجولات الهايكنج (المشي) على المسارات المجهزة، أو تجربة ركوب التلفريك للانزلاق فوق سفوح الجبال والغابات الكثيفة.
- المواقع التراثية والأسواق: يمكن استكشاف التراث المحلي في قرية المفتاحة الفنية التي تعرض فنون العسير التقليدية، أو زيارة قلعة شمعان وقصر شدا التاريخيين للتعرف على فن العمارة القديم في المنطقة. الأسواق المحلية هنا غنية بالمنتجات الحرفية والعسل والبن المحلي.
رجال ألمع: قرية التراث العالمي
تقع رجال ألمع على بعد مسافة قصيرة من أبها، وتُعد جوهرة تراثية حقيقية ومرشحة للانضمام إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
- العمارة الجبلية المذهلة: تتميز القرية بمبانيها الحصينة متعددة الطوابق والمشيدة من الطين والحجر، والمزينة بالزخارف الجصية البيضاء. كانت هذه الحصون قديماً بمثابة مراكز تجارية تربط بين اليمن ومكة المكرمة.
- فن القط العسيري: تُعد رجال ألمع موطناً لـ فن القط العسيري، وهو فن تزيين داخلي تقوم به النساء باستخدام أنماط هندسية وزخارف ملونة. هذا الفن مدرج بالفعل في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، ويمكن للزوار مشاهدة نماذج منه داخل بيوت القرية والمتحف المحلي.
- المتحف والتلفريك: يضم متحف القرية مجموعة غنية من المقتنيات والوثائق التي تروي تاريخ المنطقة. كما يمكن الوصول إلى القرية عبر التلفريك من منطقة السودة، مما يوفر إطلالة درامية على الجبال والمنحدرات أثناء الهبوط.
التجارب الزراعية والطبيعة المورقة
تتيح طبيعة عسير الخضراء عدداً من التجارب السياحية الفريدة المرتبطة بالبيئة الزراعية:
- المدرجات الزراعية: تعتبر المدرجات الزراعية المنتشرة على سفوح الجبال دليلاً على إرث المنطقة في الاستفادة من مياه الأمطار الغزيرة. زيارة هذه المدرجات توفر فرصة للتصوير الفوتوغرافي واكتشاف التقنيات الزراعية القديمة.
- وادي لجب: على الرغم من أنه يتطلب بعض القيادة، إلا أن وادي لجب يُعرف بـ "الوادي المعلق"، وهو شق صخري ضيق يمر عبره نهر صغير، وتنمو فيه النباتات والأشجار على جدرانه الصخرية المرتفعة، مما يجعله وجهة مثالية للمغامرين وعلماء الطبيعة.
- تذوق المنتجات المحلية: تشتهر المنطقة بإنتاج أنواع فاخرة من العسل والبن مثل "بن خولان" (القهوة الخولانية) الذي يُزرع على ارتفاعات عالية، ويوفر مذاقاً فريداً يرتبط ببيئة الجنوب.